واحات وكتبان ساحرة

   واحات زيز:

 من الراشيدية إلى الريصاني مرورا بأوفوس وأرفود
 تشكل واحة زيز الجزء الأكبر من منطقة تافلالت، وهي أكبر واحة في إفريقيا، تمتد على أكثر من 150 كلم على طول الطريق الرئيسية رقم 21 من منطقة الريش.. حتى الريصاني. و تمنح للزوار مناظر جميلة في عدة مناطق خصوصا في الراشيدية، مسكي، ولاد شاكر، أوفوس، زريكات، دويرة، لمعاضيض، أرفود.. وما بين هذه الأخيرة و الريصاني...ومن أهم المراكز العمرانية في هذه  الواحة هناك: 
                                                                                                   
 مدينة الرشيدية "قصر السوق" سابقا، تبعد عن مدينة مكناس بحوالي 330كلم تأسست سنة 1912 على يد الفرنسيين، حيث أسسوا قاعدتهم العسكرية لتشرف على قصور "مدغرة"  وبعدما رحل  المستعمرون عن المغرب خلفوا وراءهم مدينة قصر السوق، التي تحول إسمها سنة 1982م إلى إسم الرشيدية                                                                                                         أرفود: تبتعد مدينة أرفود عن  الراشيدية بحوالي 70 كلم وتعتبر من أهم المدن السياحية في المنطقة بالنظر لما تتوفر عليه من فنادق مصنفة. ويبلغ عدد سكانها حوالي 50الف نسمة.         
 الريصاني: تبعد عن أرفود بحوالي 20 كلم ويبلغ عدد سكانها حوالي 20ألف نسمة وهي تعتبر مركز تاسيس الدولة العلوية الشريفة، بحيث تضم ضريح كل من جد العلويين  مولاي علي الشريف، وضريح الحسن الداخل ..وتضم الريصاني حوالي 360 قصرا من اشهرهم القصرين السلطانيين الفيضة واولاد عبد الحليم. هُجر عدد كبير منها لظروف طبيعية واقتصادية أو غيرها.

مرزوكة

الكثبان الرملية الذهبية
تعد كثبان مرزوكة من روائع الطبيعية التي يزخر بها المغرب والتي تعد إحدى الأقطاب السياحية المغرب عامة وبإقليم الراشيدية خاصة، وهي تقع على بعد 50 كلم من أرفود و 40 كلم من الريصاني.. وتعرف هذه الكثبان بإسم أرك الشعبي .. وتتميز بخصائصها الإستشفائية خصوصا لحالات الروماتيزم. يصل علوها في بعض الحالات إلى 100 متر، و تمتد على أكثر من 30 كلم في الطول. و تحيط بهذا الموقع العديد من الواحات
 ففي هذا المكان نلمس جمالية الصحراء حيث الرمال الذهبية لا تعترضها حواجز.. ورؤيتها من الأعلى توحي و كأنها عبارة عن إنسياب من الأمواج. كما تتشكل في بعض الأحيان في جنبات الكثبان أثناء فيضان واد زيز.. بحيرة .. تستقبل طيور إفريقيا الصحراوية و أوربا المهاجرة
 


واحات اغريس وفركلا

من الجرف إلى تنجداد مرورا بملاعب وكلميمة

تشكل واحات زيز جزء طبيعيا من واحة تافلالت، تمتد على طول ضفة نهر غريس وتحيط بها مناظر طبيعية خلابة بالإضافة إلى أشجار النخيل وتضم سلسلة من الواحات من أهمها واحة الجرف وملاعب وواحة كلميمة...                                                                                       فعلى بعد كيلمترات من مدينة أرفود تنتصب واحة  الجرف: هي منطقة جد صغيرة غنية بالترات المبني كالقصور والبنايات العريقة..ومن المناطق المحيطة بالجرف هناك المنقارة..العشورية..حنابو
واحة كلميمة: على السهل العلوي لغريس توجد واحة كلميمة التي تتميز بمناظرها الطبيعية و سحر قصورها التي تتمركز بين النخيل،  وعلى بعد 5 كلم من المدينة، يوجد قصر إكلميمن الذي يعد المثال الأكثر تمثيلية لهندسة الجهة.
فركلا تشكل إحدى الواحات الثلاث الكبرى في منطقة تافيلالت تقع في غرب واحات زيز..وتضم هذه المنطقة مركز حضري واحد هو بلدية تنجداد وعدد مهم من القصور يبلغ حوالي 38 قصرا.منها قصر كردميت وتغدوين وأيت عاصم وأسرير والسات والخرباتو أملال وتمردولت وتيغفرت وقصر الزاوية وقطع الواد والقصيبة (المغرب) قصر القصيبة وأيت بن عمر وإزيلف وغيرها الكثير

واحة تودغى:
من تنغير إلى مضايق تودغى.. سحر الطبيعة



تعد من أجمل الواحات المتواجدة في جنوب المغرب فهي تمتد على أكثر من 30 كلم و على عرض يتراوح ما بين 500 و 1500 متر على طول واد يحمل نفس الإسم.
        تعد تنغير أهم مركز حضري بالواحة  عدد سكانها:38795 نسمة حسب إحصاء 2004 وهي من أهم المواقع السياحية في المغرب، إذ أصبحت في الآونة الأخيرة قبلة للسياح الأجانب الذين يفدون إليها من كل صوب للاستمتاع بجمالها الطبيعي وإرثها الثقافي، ولعل أشهر المواقع الموجودة هناك مضايق "تودغى"، جبل صغرو وواحة "تنغير" بنخيلها الشامخ وبحيرة "السمك المقدس"، إلى جانب القصبات والدور التي يعود تاريخ بعضها إلى عام 1630م 
.
وأَنْ تَزور تِنْغير دُون أن تعرج على مَضايق تُودْغَى فزيارتك غير كاملة، وكأن حجك للمنطقة لا يستقيم دون أَنْ تكون هناك، بين جبال شاهقة العُلو، وواد دائم الجريان وتخالط أشخاص طيبين خَدُومين...14 كيلومترا عن مركز تنغير، منعرجات ضيقة، يضطر فيها السائق إلى التوقف كثيرا ليفسح المجال للسيارات القادمة من الجهة الأخرى..لمكان الساحر يجلب إليه سيُاح أجانب من جنسيات مختلفة، خاصة من الدول الأوروبية والأسيوية من عشاق رياضات تسلق الجبال 




بومالن دادس: 
واحة الالف قصبة

تقـــع واحة بومالن دادس جنوب الأطلس الكبير ، في الجنوب الشرقي للمغرب على الطريق الوطنية رقم 10 بين مدينتي تنغير و قلعة مكونة على ارتفاع 1500 متر على سطح البحر ، وقد أطلق عليها إسم بومال ن دادس و تعني بالأمازيغية الأراضي الفلاحية المسقية.
هكذا واعتبارا أن سكانها الأولين أنصاف رحل مستقرين على جانب وادي دادس ، وتبلغ مساحة جماعة بومالن دادس حوالي 75 كلم مربع تسكنها حوالي 11179 نسمة حسب إحصاء سنة 2004 ، وهي تابعة إداريا إلى إقليم تنغيـــر المحدث أخيرا
 وتتسم المنطقة بمناخ قاري وبالبرودة في فصل الشتاء نظرا لبعد المنطقة على المؤثرات البحرية ، كما تزخر المنطقة بمناظر طبيعية خلابة و بمسالك للسياحة الجبلية كما تتواجد في موقع جغرافي استراتيجي هام ، في ملتقى الطرق المؤدية إلى مضايق دادس وتودغى و امكــون، ما يؤهلها لتكون منطقة سياحية بإمتياز. كما أنها ملتقى لأيت عطا بجبال صاغرو وأيت سدرات
و يوجد بهده المنطقة تاني اكبر شارع يبلغ طوله 35 كلمتر بين بومالن دادس و قلعة مكونة
و تعرف بومالن دادس بمدينة الالف قصبة لتوفرها على ما يناهز 1000 قصبة عريقة وتتميز بزراعة الورد . أما في فصل الصيف فتجنى كل ما تشتهي النفس من أنواع الفواكه من التين والوز والخوخ والبرقوق والجوز....

 

 

قلعة مكونة
جمال القصبات وعطر الورد

توجد قلعة مكونة على بعد 80 كيلومترا شرق ورزازات، في نهاية طريق تتخلله القصبات والحدائق، إذ تبدو القلعة كضيعة تتخللها آلاف الورود، التي تعطر المدينة برائحة ساحرة، تعطيها طابعا خاصا، وتجعل منها أجمل مزرعة ورود في المغرب
في هذه الأجواء الأخاذة، وككل سنة خلال شهر ماي، تحيي هذه المدينة مهرجان الورود، في جو يجمع ما بين الأصالة والمعاصرة
في كل أرجاء المدينة، ومقابل بضعة دراهم، تُقترح عليكم عقود من الورود الطرية بأريجها الطيب، الذي لا يمكن إيجاده إلا في هذه المدينة الموجودة على هضبة دادس، فتتأهب حواسك، منذ تلك اللحظة، لأن تعيش يومين من الاحتفالات الخاصة بهذه المنطقة .
و يقام فيها سوق كل أربعاء ويستقطب عديدآ من سكان القرى المجاورة مثل "معياش" و"تزادخت" و "ايت بعمران"و"ايت إحيا"و"تلتنمارت" و" أيت بوبكر"و" توريرة "و " ايت لحسن"و" تســـــــويط" ووووو...
يخترق قلعة مكونة نهر إمكون المنسدل من جبال الاطلس الكبير بالدات منطقة(أوزيغيمت)الى ان يلتحق بواد درعة و يعرف هذا النهر بجريانه الدائم

 

واحة سكورة
 جمال الطبيعة و خصوصيات الإرث الثقافي

سكورة واحة زيتون ونخيل عبارة عن جماعة قروية تقع في الجنوب الشرقي تبعد عن مدينة ورزازات بحوالي 40 كيلو متر على الطريق الرئيسية 32 الرابطة بين ورزازات والراشدية يحدها شمالا الأطلس الكبير والأوسط وجنوبا جبل صاغرو ..

ويقال على أن اصل سكانها ينحدر من اليمن ومن أهم القبائل فيها : اولاد اسعيد+ ولاد يعقوب+ اولاد بويحية +الخامسة +امزاورو +تجنات +امريديل+ ...لحسون +لكراميط+.... تسكوكامت

  وتعتبر لغة التواصل اليومية أواللغة الاصلية " الدارجة" أي العامية المغربية وهي من السمات الهامة التي تميز منطقة سكورة أذ كل المناطق المجاورة تتحدث باللسان البربري او الأمازيغي اما السكان في سكورة فيتحدثون بالدارجة العربية التي تمتد جذورها الى اللغة العربية وذلك محاولة منهم الحفاظ على  الأصل العربي وان كان هذا لا يمنع من وجود تأثير لغوي وذلك بوجود عديد من المصطلحات  باللسان الامازيغي

واحة تودغى 

 النشأة و المآل   

 واحة تودغة  تقع على بعد 2 كيلومتر من تنغير و تمتد على 12 كيلومتر.

image001
آفاق بيئية : محمد فقهي *
لقد أدى تنوع الثقافات الإنسانية و الحضارات إلى تعدد أشكال إستغلال المجال، كل حسب إمكانياته و طبيعة الوسط الطبيعي الذي يفرض في العديد من الأحيان على الإنسان مجموعة من الخيارات فيما يتعلق بأشكال إستغلال المجال، و تعتبر القصور كشكل من هذه الأشكال التي ميزت واحات المناطق شبه الجافة للمغرب كما هو الحال في واحة تودغى.
إن السكن المميز لواحة تودغى هو السكن داخل القصر أو ما يسمى محليا بـ ” إغرم“. فهو عبارة عن وحدة سكنية سوسيوإقتصادية تنظيمية مبنية على علاقات عرقية إقتصادية و أمنية، و يضم العديد من المنازل المتلاصقة و التي تتميز بتجانسها من حيث مواد البناء (التراب) و من حيث إمتدادها العمودي في المجال من خلال عدة طوابق، إلى جانب تجانسها على مستوى الهندسة المعمارية، كما يضم العديد من الأسر التي يجمعها تقارب وتشابه أنماط العيش وأيضا بعض الروابط الاجتماعية ذات الأصول القبلية المتعددة، و يتوزع السكان داخل القصر وفق نوع من التراتبية الإجتماعية و الإقتصادية.
و يطرح البحث في نشأة القصور بالواحات المغربية بشكل عام العديد من الصعوبات بسبب قلة المصادر التي تناولت هذه الواحات… لكن الأكيد أن واحة تودغى قد عرفت إزدهارا خلال فترة حكم الأدارسة، حيث كانت تودغى تمتلك دارا للسكة و قد تم بالفعل ضرب النقود بين 789-790 م و 739-794 م، [1] إذ إستمدت تودغى هذه الأهمية التاريخية من خلال هذه الفترة من ثرواتها المعدنية          و بالخصوص من خلال توفرها على منجم للفضة – الذي لازال يستغل إلى حد الآن-  الذي إستغل بشكل كبير من طرف اليهود، غير أن هذا الإنتعاش لم يعمر طويلا بسبب نشأة سجلماسة التي حولت الطرق التجارية لصالحها فخنقت إقتصاد واحة تودغى. [2] 
و تجدر الإشارة إلى أن الواحة عرفت خلال هذه الفترة إضطرابات كبيرة بسبب الصراعات العرقية، فكثر قطاع الطرق و كثرت عمليات القتل، [3] الشيء الذي ساهم في تحويل القوافل التجارية عن طريق ورزازات و أرفود عبر تودغى و دادس لصالح طرق أطول لكن أكثر أمنا مما زاد في تدهور هذه الواحات.
و قد نتج عن هذه الصراعات العرقية إنتظام المساكن على شكل تكتلات للدفاع عن النفس،           و لضمان ذلك فقد لجأ السكان إلى تشييد قصور محصنة و التي إرتفعت أعدادها على طول الواحة.
و بموازاة هذا العنصر الأمني تضافرت مجموعة من العوامل الأخرى التي ساهمت بدورها في تعمير هذه المناطق بشكل كبير، إذ تقول Meunie.J:”أن بها (تودغى) واد يعتبر من بين الأودية الأكثر أهمية التي تنحدر إلى جنوب الأطلس الكبير (…) و تتصل بواحة غنية”. [4]
كما أن الجفاف في المناطق الجنوبية ساهم في تدهور النشاط الرعوي الشيء الذي دفع الكثير من القبائل للبحث عن مناطق للإستقرار، و ذلك ما دفع بعض قبائل أيت عطا إلى الإستقرار بسافلة تودغى (أيت إسفول بتابسباست) منذ القرن السابع عشر.  [5]
هكذا إذن يتضح أن القصور في واحة تودغى هي نتيجة لتكيف السكان مع للظروف الطبيعية و مع تدبدب الإمكانيات المادية، و مع علاقات التوتر و عدم الإستقرار التي ميزت المنطقة.
هذه القصور التي تنامت في الواحة من العالية إلى السافلة، ستعرف تدهور نتيجة عدة عوامل متداخلة، و التي دفعت السكان إلى السكن خارج الأسوار في مساكن منعزلة، ستصبح بمثابة النواة الأولى لولادة تجمعات سكنية مختلفة عن القصور.
تعد العوامل الطبيعية من بين العوامل التي ساهمت في تدهور القصور بواحة تودغى، فمناخ المنطقة الذي يبدو قاسيا يخلف إنعكاسات واضحة على سكن القصور، فالتساقطات المطرية التي تتميز بكونها مركزة تعمل على تعرية الجدران، و على إحداث فيضانات مهولة تأتي على قصور بأكملها، يساعدها في ذلك موضع القصور على مشارف الواد، كما أن التباين الحراري الذي يسجل تبعا لتعاقب الليل و النهار، و تبعا لتعاقب الفصول يؤدي إلى إنتفاخ و تقلص التراب و توالي هذه العملية يؤدي إلى تقشر الجدران و تشققها، مما يحتم على السكان عملية الترميم بشكل دائم، و لما كانت هذه العملية مكلفة فإن السكان يفضلون توظيف أموالهم في البناء خارج القصر رغم ما يتطلبه ذلك من موارد إضافية. [6]
تعتبر الواحات مجالات تتميز بكثافة مرتفعة بالمقارنة مع المجالات المجاورة، و هو نفس الأمر الذي يميز واحة تودغى كما أشار إلى ذلك “De Foucauld” عند مروره بالمنطقة سنة  1884 حيث قال أنها تتميز بساكنة كبيرة. [7]
أما بعد التدخل الإستعماري، فإن بعض الإشارات التي أورها الضابطان في الشؤون الأهلية  Beaupere 1931” و Raclot 1936″  التي تأكد أن عدد سكان الواحة في تلك الفترة كان حوالي 20000 نسمة، أي ما يعادل حوالي 3690 كانون. [8]
إن إرتفاع الكثافة السكانية داخل القصور بفعل الزواج المبكر و كثرة الإنجاب سيرفع من عدد الأسر، بل و عدد الأفراد داخل المنزل الواحد و حيث أن المجال داخل القصر لا يسمح ببناء مساكن جديدة، كل هذا سيؤدي بضرورة الحال إلى البحث مساكن أخرى، مما سيفتح المجال للبناء خارج السوار.
لقد تعرضت واحة تودغى لغزو قوات الكلاوي بقيادة ضباط فرنسيين، و الذين تمكنوا من بسط قبضتهم عليها سنة 1933، و أن يؤسسوا نواة حضرية بمنطقة تنغير، و منذ هذا التاريخ عمل المستعمر على إدخال مجموعة من التغيرات التي ساهمت في خلخلة الإقتصاد  و التنظيم المحليين.
حيث إستغل المستعمر ما سماه بالمغرب النافع، و ذلك من أجل إمداده بصفة مستمرة بأعداد كبيرة من اليد العاملة و تشغيلها في المزارع و ضيعات المعمرين أو من أجل شق الطرق أو تجنيدها، إما لغزو مناطق جديدة أو للترحيل إلى أوربا من أجل الدفاع عن فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية،    و يتجاوب هذا الطرح مع إعتبار المستعمر هذه المنطقة كخزان بشري يجب إستغلاله لمثل تلك المهام. [9]
إلا أن هذه السياسة لم تكن لتنجح إلا بضرب المقومات الأساسية للقصر المتمثلة في الإلتحام الجماعي و التنظيم القبلي، لذلك لجأ المستعمر إلى فرض التعامل النقدي في المعاملات من أجل خلق تراتبية إجتماعية تكون نتيجتها الأساسية ضرب العلاقات التقليدية في صميمها و خلق فئة مستغلة تضطر للجوء إلى الإقتراض، مما سيتيح للمستعمر أن يفرض عليها وصايته بطريقة جد  فعالة، و يدفع بها للهجرة مع تقديم جميع التسهيلات.
كما تم خلق فئة من الملاكين العقاريين تجمع بين المحاربين في صفوف المستعمر و بعض كبار الأعيان الذين تم إرشائهم بالأراضي بهدف عرقلة عمل القبيلة، و لم يقتصر دورها هنا بل عملت على توزيع الأراضي الجماعية بشكل لا يتجاوب مع التنظيم السياسي و الإجتماعي لسكان القصور، و قد حاولت هذه الفئة أن تبين ثراءها ببناء منازلها خارج الأسوار فوق الأراضي الجماعية.
كما لجأ المستعمر كذلك إلى تكسير التنظيم القبلي عن طريق خلق مجموعة من الإدارات التي تلعب نفس الدور الذي تقوم به جماعة “إد-باب- ن أمور”، كما تم إستحداث سلطة جديدة على الصعيد المحلي، تمثل السلطة المركزية و تسهر على النظام و الأمن العام و تقوم بعدة إختصاصات تهم سكان القصور في كل الميادين الإقتصادية و الإجتماعية و العمرانية.
و هكذا فقد كان لهذه التحولات الإقتصادية و التنظيمية آثر كبير على البنية السوسيوثقافية لسكان القصور، و هو ما يكس بشكل جلي إفراغ القصور و التهافت على رسم حدود الملكيات خارج الأسوار.
و بحكم موقعها الجغرافي في منطقة شبه جافة، و بحكم قساوة الظروف الطبيعية فإن الفلاحة التي ظلت إلى عهد قريب قاعدة للإقتصاد المحلي، و التي عرفت مجموعة من الهزات تبعا لتواتر فترات الجفاف، الشيء الذي فرض على السكان الهجرة للبحث عن موارد إقتصادية أخرى في المناطق المجاورة للعمل كفلاحين أو كباعة متجولين أو في حفر الآبار. و يتوافق هذا الضغط الطبيعي            و الإقتصادي في آن واحد مع تدخل المستعمر الذي عمل بشتى الوسائل على الدفع بالسكان في إتجاه المناطق التي كان يحتلها سواء داخل المغرب كملوية و تادلة و سهل الغرب … أو خارجه أساسا نحو الجزائر التي إستقطبت حوالي 500 مهاجر تنغيري خلال الأربعينيات،[10] و كانت أغلبيتهم موجهة لمزاولة النشاط الفلاحي و أحيانا الصناعي، إلا أنه خلال الستينيات غادر هؤلاء الجزائر نحو فرنسا.
ثم بعد ذلك إنطلقت هذه الهجرة في إتجاه الدول الأوربية خاصة منها التي عانت من النقص الكبير في اليد العاملة بسبب الحرب العالمية الثانية مثل فرنسا و ألمانيا و غيرهما.
بصفة عامة فالهجرة الداخلية و الخارجية لعبتا دورا كبيرا في توفير فائض مالي للمهاجرين وجد طريقه إلى المنطقة، خاصة و أن نسبة مهمة من الجيل الأول و الثاني ظلت متشبثة بمجالها الأصلي.
لقد كانت تحويلات المهاجرين في الأول توجه نحو ترميم المنازل القديمة نظرا للبعد الإجتماعي الذي تعكسه الإقامة في مساكن الأجداد، أو إقتناء بغض الإستغلاليات و هذا ما يتجاوب مع طبيعة العمل الذي كان يمارسه الجيل الأول من المهاجرين و المتمثل في الفلاحة، إلا أن هذه النزعة ما لبثت أن تغيرت، و أصبح الإتجاه الجديد لهذه الموارد هو بناء منازل مختلفة عن سكن القصور من أجل إبراز النجاح الإجتماعي.
و يرجح أن تكون هذه الطريقة الجديدة في البناء مستلهمة من بلدان الإستقبال مع إضفاء بعض جوانب المعمار القديم عليها في بعض الأحيان، و يبدو هذا القول مؤكدا لإعتبارين أساسيين: [11]
يرتكز الأول منهما على كون نسبة من المهاجرين في فرنسا مثلا، حوالي 86% تشتغل في قطاع البناء، و النسبة المتبقية تشتغل في قطاعات لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بهذا القطاع.
بينما يتمثل الإعتبار الثاني في كون هذا النمط المعماري الجديد لا يعكس و لو بنسبة ضئيلة مقومات المنطقة لا الإقتصادية و لا الإجتماعية و لا التنظيمية، و هو ما يسمح بالقول بأن هذا النموذج الجديد مستورد.
و عموما فقد ساهمت عائدات الهجرة الداخلية أو الخارجية في تغير معالم المجال المحلي، من خلال إفراغ القصور و تشييد منازل جديدة خارجها.  كما أن التحولات الإقتصادية و الإجتماعية         و السياسية بسبب التزايد الديمغرافي و التدخل الإستعماري  الذي عرفته الواحة قد أدى إلى إحتدام ظاهرة الهجرة التي وفرت موارد مالية أستثمرت من أجل التنمية السكنية بالمنطقة، كما ساهمت كذلك في تأثر المهاجرين بثقافة جديدة تتناقض مع الثقافة المحلية في عدة جوانب.
هكذا، فإذا كانت بعض المناطق قد عرفت قصورها الإستفادة من العديد من التدخلات في مجال السكن القروي، بهدف إصلاح للسكن وإنقاذ التراث المعماري، على غرار واحة فركلة من خلال المخطط 1968 – 1972، و الذي هم إعادة تجديد حوالي 9000 سكن على واد فركلة، نفس الشيء بالنسبة لمختلف الواحات الجنوبية الشرقية كتافيلالت، غريس، درعة. [12] فإن القصور بواحة تودغى قد أصبحت شبه فارغة من السكان، كما أصبحت أطلال تعاني مما عان منه و يعانه الإنسان في هذه المناطق من التهميش، في غياب أية إستراتجية للمحافظة على التراث المعماري المحلي، خاصة و أن هذه القصور تعتبر من بين مقومات النشاط السياحي بالمنطقة  التي تساهم  جذب السياح. إلا أن واقع الحال يحكي قصة قصور كانت بالأمس القريب  تعج بالدينامية و تدب فيها الحياة، قد أدار لها الزمن الظهر، و أصبحت أطلال تتهاوى من حين لأخر.
*  طالب باحث





 واحة سكورة
توجد على بعد 42 كلم من ورزازات، محاطة بقصبات جميلة، و قد أسست هذه الأخيرة في القرن 12، خلال حكم السلطان يعقوب المنصور الموحدي. أما اسم سكورة فمستخلص من قبيلة البربر"أسكورين" التي عاشت تلك الفترة التاريخية.

 واحة سكورة الموجودة على بعد 42 كيلو متر شمال شرق ورزازات على ارتفاع1150م في الانحدار و 1250م في الصعود. هذه الواحة التي نمت حول مجموعة من الأودية النابعة من الأطلس الكبير، من الغرب إلى الشرق، نجد وادي إمدري، وادي بوجهيلة ثم وادي الحجاج النابع من التجمع المائي "لتُونْدُوتْ"و"تَكْرْنَادَا".تعتبر منطقة سكورة من بين المناطق الجنوبية، ذات الإرث الثقافي والحضاري المتبلور في نمط الاستقرار الجماعي. هذا الأخير الذي أسهمت فيه عوامل طبيعية وبشرية، جعلت منه تراثا حضاريا يميز المنطقة الجنوبية الشرقية للأطلس الكبير عموما. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر "قصور" وقصبات حوض دادس وسكورة وتدغة. و "قصور" وقصبات تافيلالت، وكذا طريقة تكيف السكان والمناخ البيئي، الذي يفرضه المجال الذي تحوزه المنطقة خاصة فيما يتعلق بالموارد المائية التي هي أساس كل استقرار بشري. وقد خلقت مظاهر الاستقرار بهذا المجال نوعا من التكامل الحضاري بين مختلف الجماعات البشرية التي اتخذت هذا الموروث نمطا لاستقرارها بالمنطقة، ومن هذا المنطلق، فإن دراستنا هذه تلزمنا أن نكشف النقاب عن بعض الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية لهذه المواقع الأثرية، وتسليط الضوء على دور هذا الموروث، في الاستقرار البشري بالمنطقةمنذ أوائل العصر الوسيط إلى غاية القرن15م، تحتل مملكة سجلماسة أكبر تيارات المبادلات التجارية من الشمال إلى الجنوب على ثلاثة محاور: - في الغرب على الساحل الأطلنتي لموريطانيا نحو ميناء ماسة، ثم عبر الطريق البحرية نحو أوربا. - في الوسط من تمبوكتو نحو درعة، تلوات، فمراكش، فاس ثم إسبانيا. - في الشرق من السودان عبر سجلماسة، فاس إلى إسبانيا

كانت مدينة سجلماسة مركزا تجاريا للذهب القادم من السودان، وتتم المبادلات بصعوبة من الغرب إلى الشرق؛ بسبب المنخفضات والمرتفعات على سطح الأرض، ولكن وعورة المسالك في الشمال الجنوبي تؤدي بالقوافل إلى القيام بمنعرجات وعبور طرق أخرى قليلا ما تستعمل . ولهذا تمر بعض القوافل من منطقة سكورة ذات الساكنة القليلة. ولكن المشهورة كباحة للاستراحة لدى القوافل (تحكي الأسطورة أن بذور التمور التي أكلت من طرف القوافل هي التي أدت إلى نمو واحة النخيل) قبل صعود الجيل عبر تيزي نفدغات على ارتفاع 2850م للوصول إلى دمنات وفاس."ويستفاد مع ذلك من وصف البكري في "المسالك والممالك" أن هسكورة كانوا يراقبون الطريق بين سجلماسة وأغمات لوقوعهم على طول مسافة أربعة أيام بين ورزازات وزركطن عبر ممر تلوات. كما كانوا يراقبون الطريق بين أغمات وادي وربما حتى عن "تدغة"، ويستفاد مع ذلك من وصف البكري (… ) كانوا يراقبون الطريق بين أغمات وادي ثم فاس، لمرورها ببلد تيفت الهسكوريين".ولأنها مركز مهم للعبور قبل القرن 12م، فقبائل سكورة قطعت أشواطا في طريق الاستقرار بعد توقفها عن التوسع. وقد قام الموحدون بخطوات في هذا الاتجاه، لأن استقرار الهساكرة الذين كانوا يكونون قوة هائلة. كان أمنا للدولة وعاصمتها.فبعد خروج أبا يعقوب يوسف سنة 572 هـ من مراكش برسم الغزو لصنهاجة القبلة، وصل رباط هسكورة فأمر الناس ببناء البيوت ودور للسكنى..العديد من الأنقاض والأطلال تدل على بداية هذا الاستقرار السكاني، والذي سوف يثبت بوجود بنايات عديدة منذ القرن 15 و 16 الميلاديين، خاصة بعد موجة الهجرات التي عرفتها المنطقة خلال القرن 19 من تافيلالت. إضافة إلى أن قربها من درعة كان له تأثير على البناء التقليدي بها، مما خلف تشابها في الزخرفة وتفاصيل هندسية مع "قصور" تافيلالت وأشكال فضائية مع بنايات "القصور" بدرعة

أما فيما يخص البنية السكانية لواحة سكورة. فمن بين العناصر العرقية القديمة في المنطقة الأمازيغيون المستوطنون ما بين الأطلس الكبير إلى صاغرو العنصر الثاني في ساكنة سكورة؛ وهم الذين كونوا التجمع القبلي الذي تم تجنيده ضمن الجيش الموحدي. فقد كانت هسكورة من القبائل التي ذكر البيدق مشاركتها في دخول الموحدين مراكش بقيادة أبو بكر بن الجوهر، وكانت خمسمئة من عسكر هسكورة رجالا دون خيل.يعتبر البدو الرحل من عرب بني معقل العنصر الثالث من ساكنة سكورة، والذين طردوا من مصر خلال القرن 11م، عبر إفريقية ثم المغرب الأقصى حيث وصل أعراب معقل إلى درعة في أيام يعقوب المريني (656هـ/685هـ). وضيقوا بهسكورة القبلة في وادي دادس، مما أرغمها على الاعتصام بالجبال. كما كان لوجود هؤلاء البدو على طرق المواصلات التي كانت تربط حصون هسكورة بمراكز تجارية على أبواب الصحراء،من جهة وبفاس ومراكش من جهة أخرى، قد جردهم من الفوائد التي كانت لهم بمراقبة تلك الطرق.انطلاقا مما سبق يلاحظ أن الحراطين والأمازيغ ، والعرب هم أهم العناصر المشكلة لمجتمع سكورة. وفي الوقت الراهن يلاحظ هيمنة اللغة العربية وتراجع الأمازيغية في أرجاء سكورة

فأسماء الأماكن فقدت التسمية الأمازيغية، مثال: كلمة "أََسِيفْ" تعني مجرى المياه في الأمازيغية. أصبحت "وادي" كلمة عربية تدل على الشيء نفسه.كذلك نجد كلمة "إِغْرِمْ" والتي تعني البرج، أو المكان المحصن في اللغة الأمازيغية، قد أصبحت متداولة تحت اسم "قْصَرْ" أو "كْصَرْ"، والتيتحمل المعنى نفسه في اللغة العربية. ولعل ذلك كان سببا في تحويل كلمة "تِغْرِمْتْ"، والتي تحمل معنى القلعة أو الحصن في الأمازيغية، إلى كلمة "قصبة" مثيلتها في العربية، وهذا التحول اللغوي الذي لم يعقبه تحول دلالي لهذه الأسماء بين اللغتين. كان السبب فيه اختلاط هذه العناصر مع بعضها البعض. وكذلك فالنصوص الدينية والمعاملات التجارية كلها تتم باللغة العربية، وهذا ما يفسر انفراد سكورة بهذه الخاصية واستحواذ العربية.تتحكم طبيعة المنطقة في توزيع الأنشطة داخل الجماعات البشرية المشكلة للمجتمع السكوري. خاصة الأنشطة الفلاحية منها. فالفلاحات الصغيرة أو "الفْدَادِينْ" باللغة العامية في المنطقة، وكذا تربية الماشية والدواجن القليلة، تسمح بسد الحاجيات الضرورية للسكان. إضافة إلى الأعمال والصناعات التقليدية اليومية، فالرجال يقضون أوقاتهم في الحرث والزرع، وتهيئ السواقي وجني التمور والزيتون، وصناعة الآجر من الطين، وصناعة السلال والحبال من جريد النخيل. في حين تنحصر أعمال النساء، في جلب الماء وجمع الغلات، وصناعة الزرابي، بعد غزل وتقطيع الصوف، واختيار النماذج الجيدة، وذلك لملء الفراغ المتبقي من عمل الحقول

وتقدر ساكنة سكورة 18545 نسمة (حسب إحصاء 1982) متفرقة على 47 دوارا تضمها واحة النخيل


فهذه الدواوير متجمعة بدورها في ثمانية دواوير أخرى هي

"أوْلاَدْ مْنِيعْ" "أََيْتْ عَمْرُو" "الخَامْسَة"، "الرُوحَة"، "أوْلاَدْ يُوسْفْ" " أََمْزَاوْرُو"، "أوْلاَدْ يَعْقُوبْ" "أوْلاَدْ مَعْكِلْ"


 واحات وادي دادس

تقع على بعد 14 كلم من تينغير، فانطلاقا من نهر تافلتوت تمتد بركة مائية على مساحة 20 كلم مرتبطة بسد المنصور الذهبي الذي يسمح منذ 1972، بعملية سقي المساحات الفلاحية للمنطقة. يبتدئ وادي ألف قصبة من سكورة حتى بولمان"دادس"، و تمتد المنطقة بمناظر طبيعية صحراوية قاحلة إلى أن تبدو فجأة واحة سكورة الرائعة.
مضيق دادس

 يوجد شمال بولمان على علو 1500م). على طول الطريق المؤدية إلى الأطلس، نصب مضيق دادس، تتموج ألوان أحجاره بين اللونين الأحمر و البنفسجي، و قد أنشئت قصبات رملية الصنع وسط شعاب محصبة، تمتزج حمرتها الأرجوانية مع خضرة البساتين التي أغنت اللوحة الطبيعية و زادتها بهاء و سناء

 واحات وادي درعة
 وادي درعة يبدأ على بضع مسافات من ورزازات على علو يصل 750 م، حيث منبع نهر درعة، الذي يمتد على طول 200كلم، مشكلا حزاما أخضرا تتعاقب فيه الحقول الزراعية و أشجار النخيل الشامخة بحوالي خمسين قصبة و قصور، كلها مصنوعة من الآجور. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق